القمر يدور ولكن ببطء شديد. قد يلاحظ المراقبون على الأرض أن القمر يحافظ بشكل أساسي على نفس الجانب المواجه لكوكبنا أثناء مروره في مداره شهريا حيث هناك جانب لا نراه من القمر لانه ببساطة في الاتجاه المعكس للارض .
قد يؤدي هذا إلى السؤال التالي ، هل القمر يدور؟ الجواب نعم ، رغم أنه قد يبدو مخالفًا لما تلاحظه أعيننا.
الجانب القريب والبعيد من القمر
يدور القمر حول الأرض مرة كل 27.322 يومًا. و يستغرق القمر أيضًا حوالي 27 يومًا للدوران مرة واحدة على محوره اي حول نفسه . نتيجة لذلك لا يبدو أن القمر يدور بالنسبة لمن يشاهد من الارض ولكن يبدو للمراقبين من الأرض أنه يظل ثابتًا تمامًا تقريبًا ففي كل شهر نحن نشاهد نفس الوجه من القمر . يسمي العلماء هذا بالدوران المتزامن.
يُعرف جانب القمر الذي يواجه الأرض دائمًا بالجانب القريب. الجانب المعاكس أو “الخلفي” هو الجانب البعيد. أحيانًا يُطلق على الجانب البعيد اسم الجانب المظلم من القمر ، لكن هذا غير دقيق. اذ انه عندما يكون القمر بين الأرض والشمس خلال إحدى مراحل القمر التي تسمى القمر الجديد ، فإن الجانب الخلفي من القمر يغمره ضوء النهار.
لكن المدار ( حول الارض) والدوران ( حول نفسه )غير متطابقين تمامًا. يسافر القمر حول الأرض في مدار بيضاوي الشكل . وعندما يكون القمر أقرب إلى الأرض يكون دورانه حول نفسه أبطأ من رحلته عبر الفضاء في مداره ( حول الارض) ، مما يسمح للمراقبين برؤية 8 درجات إضافية على الجانب الشرقي. اما عندما يكون القمر في القسم الابعد من مداره يكون الدوران حول نفسه أسرع ، لذلك تظهر 8 درجات إضافية على الجانب الغربي.
كيف يبدو الجانب البعيد
إذا كان بإمكانك السفر إلى الجانب البعيد من القمر كما فعل رواد فضاء أبولو 8 ذات مرة ، فسترى سطحًا مختلفًا تمامًا عن السطح الذي اعتدت مشاهدته. اذ بينما الجانب القريب من القمر يبدو مصقولا او املسا بواسطة maria (سهول كبيرة مظلمة ناتجة عن تدفقات الحمم البركانية الصلبة) والمرتفعات القمرية الخفيفة ، فإن الجانب البعيد مليء بالفوهات بشكل كبير.
على الرغم من أنه لا يمكنك رؤية الجانب الخلفي للقمر من الأرض ، إلا أن وكالة ناسا ووكالات الفضاء الأخرى قد لمحته بالأقمار الصناعية.
قال Adam Szabo ، عالم مشروع القمر الصناعي لمرصد المناخ العميق التابع لناسا في مركز Goddard لرحلات الفضاء في Greenbelt بولاية ماريلاند ، في بيان بعد أن التقط القمر الصناعي القمر وهو يعبر وجه الأرض: “من المدهش أن تكون الأرض أكثر سطوعًا من القمر”. “كوكبنا جسم لامع حقًا في الفضاء المظلم مقارنة بسطح القمر.”
المدار المتغير
لم تكن فترة دوران القمر حول نفسه دائمًا مساوية لمداره حول الكوكب. والسبب ان مثل ما هناك تأثير جاذبية من القمر على المد والجزر على المحيطات على الأرض ، تؤثر الجاذبية من الأرض على القمر ايضا . ولكن نظرًا لأن القمر يفتقر إلى المحيط اذ لا وجود للمياه عليه ، فإن الأرض تسحب قشرته ، مما يؤدي إلى انتفاخ عند الخط الذي يواجه الأرض.
تسحب الجاذبية من الأرض أقرب انتفاخ على القمر في محاولة للابقاء على التوازن . يؤدي هذا إلى حدوث احتكاك يؤدي إلى إبطاء دوران القمر. بمرور الوقت اصبح الدوران بطيئًا بدرجة كافية بحيث تطابقت سرعة القمر المدارية مع سرعة دورانه حول نفسه ، وأصبح الوجه نفسه مواجها الأرض دائما.
القمر ليس التابع الوحيد الذي يعاني من الاحتكاك بكوكبه الأم. اذ يتم تثبيت العديد من الأقمار الكبيرة الأخرى في النظام الشمسي تدريجيًا مع شركائهم. من بين الأقمار الأكبر ، فقط قمر زحل هايبريون ، الذي يتحرك بطريقة فوضوية ويتفاعل مع أقمار أخرى ، لم تتم مزامنته بشكل مدّي .
صنعت الجاذبية انتفاخًا على جانب القمر المواجه الى الأرض ، مما أدى إلى إبطاء دورانه في الماضي وصولا لإنشاء دوران متزامن والحفاظ على محور القمر الأطول تجاه كوكبنا .
أشارت الأبحاث الحديثة إلى أن جانب القمر المواجه للأرض يتحدد بمدى سرعة تباطؤ دوران القمر. نظرًا لأن القمر فقد سرعته ببطء ، كانت هناك فرصة اثنان لواحد أن ينتهي الأمر بالرجل الموجود على القمر ( هناك شكل تخيلي لوجه على جانب القمر المواجه للارض يسمى الرجل في القمر )في مواجهة الأرض بدلاً من الجانب الاخر.
اقرا ايضا : إذا كان عمر الكون 13.8 مليار سنة ، فكيف يمكننا أن نرى على بعد 46 مليار سنة ضوئية؟
قال Oded Aharonson ، الباحث في علوم الكواكب في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا الذي درس سبب تحديق الرجل الموجود على سطح القمر في الأرض ، في بيان: “المصادفة الحقيقية ليست أن الرجل يواجه الأرض”. بدلاً من ذلك ، فإن الصدفة الحقيقية هي أن تباطؤ القمر كان كافياً لجعل الوجه المقابل للارض يشبه العملة المعدنية ( في الغالب تحتوي احدى اوجه العملات المعدنية على وجه).
لا يقتصر الوضع على الكواكب الكبيرة. الكوكب القزم بلوتو مقفل مدّياً على قمره شارون
الأرض (والكواكب الأخرى) تتاثر ايضا . اذ مثلما تمارس الأرض الاحتكاك على دوران القمر ، فإن القمر أيضًا يمارس الاحتكاك على دوران الأرض ( الاحتكاك الديناميكي ). على هذا النحو يزيد طول اليوم بضعة أجزاء من الألف من الثانية كل قرن.
وقال دانييل ماكميلان من مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا في جرينبيلت بولاية ماريلاند في بيان “في زمن الديناصورات ، أكملت الأرض دورة واحدة في حوالي 23 ساعة”. “في عام 1820 ، استغرق الدوران 24 ساعة بالضبط ، أو 86400 ثانية قياسية. منذ عام 1820 ، زاد متوسط اليوم الشمسي بنحو 2.5 مللي ثانية.”
في 30 يونيو 2012 ، تمت إضافة ثانية إضافية إلى جميع الساعات على الأرض بسبب هذه الظاهرة.