هناك بعض الحقائق الأساسية حول الكون, أصله وتاريخه وما هو عليه اليوم و التي من الصعب للغاية فهمها والاحاطة بها
أحدها هو الانفجار العظيم أو فكرة أن الكون بدأ منذ وقت معين: منذ 13.8 مليار سنة على وجه الدقة, هذه هي اللحظة الأولى التي يمكننا فيها وصف الكون كما نعرفه اليوم مليء بالمادة والإشعاع والمكونات التي ستنمو في النهاية إلى نجوم ومجرات وكواكب
في هذا المقال
الى اي مسافة يمتد الكون المرئي
إذن إلى أي مدى يمكننا أن نرى ؟ قد تعتقد في كون محدد بسرعة الضوء( 299,792,458 م/ثا في الفراغ) ويشار اليه بصورة تقريبة 300000 كم/ثا أن ذلك سيكون 13.8 مليار سنة ضوئية و التي هي عمر الكون مضروبًا في سرعة الضوء( لاحظ ان النتيجة هي بوحدة السنة الضوئية التي هي وحدة مسافة لذلك فان الناتج يكون هو نفسه 13.8 مليار سنة ضوئية ) . لكن 13.8 مليار سنة ضوئية أصغر بكثير من أن تكون الإجابة الصحيحة. في الواقع يمكننا أن نرى 46 مليار سنة ضوئية في جميع الاتجاهات اي بقطر إجمالي 92 مليار سنة ضوئية
كيف يكون عمر الكون 13.8 مليار عام ويمكننا ان نرى لغاية 92 مليار سنة ضوئية
1
الكون مليء بالنجوم والكواكب التي تعكس ضوء النجوم والضوء ينتقل بسرعة الضوء هذا هو الوضع “الافتراضي” الذي يعرفه معظم الأشخاص. يمكنك أن تتخيل كونًا مليئًا بالنجوم والمجرات في كل مكان ننظر إليه وأن هذه النجوم والمجرات بدأت تتشكل مع بداية الكون . لذلك كلما طال انتظارنا زادت قدرتنا على الرؤية لانه ستصل الينا اضواء النجوم الابعد حيث ينتقل الضوء في خط مستقيم بسرعة الضوء. لذلك بعد 13.8 مليار سنة من المتوقع أن تتمكن من رؤية ما يقرب من 13.8 مليار سنة ضوئية مطروحًا فقط المدة التي استغرقتها النجوم والمجرات لتتشكل بعد الانفجار العظيم (اي المدة التي كانت لا تزال غير مضيئة فيها)
2
يتحرك الضوء عند سرعة ثابتة في الفراغ لكن يمكن لكل شيء أن يتحرك عبر الفضاء ايضا وليس الضوء وحده من يتحرك . هذا يضيف عامل أخر إلى معطياتنا ؛ لا يقتصر الأمر على وجود الكثير من الأشياء التي ينبعث منها الضوء فحسب ولكن يمكن لهذه الأجسام الباعثة للضوء أن تتحرك بالنسبة إلى بعضها البعض. ونظرًا لأنها يمكن أن تتحرك بسرعة تقترب (ولكن ليس تمامًا) من سرعة الضوء ووفقًا لقواعد النسبية الخاصة فبينما يتحرك الضوء نحونا بسرعة الضوء يمكنك أن تتخيل الرؤية ضعف المسافة في الحالة الأولى. ربما تكون الأجسام الآن على مسافة تصل إلى 27.6 مليار سنة ضوئية اذا افترضنا أن ضوءها يصل إلينا الآن و مصدر الضوء نفسه يتحرك بعيدًا عنا بسرعة الضوء تقريبًا
3
بالاضافة الى حركة الضوء و النجوم والمجرات كما ذكرنا سابقا فان الكون يتمدد. هذا هو العامل الثالث الذي يجب ان نضعه في عين الاعتبار
الفضاء مليء بالمادة التي تتجمع بسرعة على شكل نجوم و مجرات وحتى الهياكل الأكبر( مثل التجمعات المجرية او العناقيد المجرية). والضوء الذي تنتجه يتحرك بسرعة الضوء في الفراغ بالاضافة الى ان هذه الاجرام السماوية يمكن أن تتحرك عبر الفضاء ايضا ويرجع ذلك في الغالب إلى الجاذبية المتبادلة لمناطق مختلفة كثيفة وغير كثيفة . كل هذا صحيح تمامًا كما اسلفنا الذكر
ولكن هناك شيء إضافي أيضًا وهو أن الفضاء نفسه يتوسع. عندما تنظر إلى مجرة بعيدة وترى أن المجرة أكثر احمرارًا من المعتاد فإن الطريقة الشائعة في التفكير فيها هي أن المجرة حمراء لأنها تبتعد عنا وبالتالي يتحول الضوء إلى موجات أطول (حمراء) بنفس صوت صفارة الإنذار التي تتحرك بعيدًا عنك حيث يتحول صوتها إلى أطوال موجية أطول ونغمات اوترددات أقل
لنتحدث الان قليلا عن توسع الكون لانه من الاشياء المربكة والتي ليس من السهولة فهمها وسنرى الان لماذا ذلك
كشفت ملاحظاتنا للانزياح نحو الأحمر أن الأجسام التي تكون على بعد ثلاث مرات تتحرك أسرع بثلاث مرات مقارنة بالمجرات القريبة. اي انه كلما نظرنا إلى الفضاء بعيدًا زادت سرعة تحرك المجرات و في الواقع إنها تتحرك بسرعة كبيرة على هذه المسافات الشاسعة بحيث تتجاوز سرعة الضوء بسهولة. لكن اليست سرعة الضوء هي الحد الأقصى للسرعة . اذن كيف يمكن ان يحدث ذلك ؟
يجب الانتباه الى أنه هناك حد لما يمكننا رؤيته لكن فعليا فإن الكون يمتد إلى مسافات أبعد مما يمكننا فهمه
ما هو الكون المرئي
. كل شيء ضمن المسافة التي استطعنا رؤيتها يسمى “الكون المرئي” وهو يشمل
10 ملايين عناقيد عملاقة
25 مليار مجموعة مجرات
350 مليار مجرة كبيرة
7 تريليون مجرة قزمة
30 مليار تريليون نجم
لو كانت كل هذه الاجرام في حيز 13.8 مليار سنة ضوئية لكان الكون مزدحما جدا
المشكلة الأولى في افتراض أن حجم الكون يجب أن يكون مساويًا لعمره بالسنوات بناءً على المسافة التي يقطعها الضوء تواجهنا عند النظر إلى اللحظات القليلة الأولى التي أعقبت الانفجار العظيم
قد يعجبك : هل اثر انفجار SUPERNOVA مستعر اعظم في تاريخ الارض
التوسع او التمدد الكوني
عندما “برز” الكون إلى الوجود لأول مرة منذ حوالي 13.75 مليار سنة بدأ الزمكان نفسه في التوسع بسرعات تفوق سرعة الضوء. هذه الفترة التي تسمى التضخم جزء لا يتجزأ من تفسير ما هو أكثر بكثير من حجم الكون. كما تشرح أشياء اخرى مثل الطبيعة المتجانسة للفضاء على نطاق واسع والظروف التي كانت موجودة خلال الحقبة الأولى
في البداية انتقل الكون من حالة شديدة الكثافة والسخونة إلى منطقة شاسعة تعج بالبروتونات والنيوترونات – الجسيمات التي اجتمعت معًا في النهاية وشكلت اللبنات الأساسية لكل مادة – في غضون لحظات. بعد أن خمد التضخم الأولي تباطأ التوسع و الآن يتم التباعد بين الأشياء بواسطة قوة غير معروفة بالنسبة لنا اطلق عليها اسم الطاقة المظلمة
ومن خلال الوسائل التي نستعملها والتي لم يتم التأكد من دقتها بعد ، يبدو أن هذا التوسع يحدث بشكل أسرع من سرعة الضوء ولكن كيف لشيء ان يسير اسرع من الضوء ؟
تنص النظرية النسبية على أن الأجسام لا يمكنها السفر أسرع من سرعة الضوء عبر الزمكان لكن لا تضع أي قيود على الزمكان نفسه
ما نريد قوله هنا ان المجرات والكواكب وجميع الاجسام في الكون هي تتبع قوانين الفيزياء اي لا تسافر او تتحرك عبر الزمكان بسرعة تفوق سرعة الضوء لكن الذي يحدث هو ان النسيج الزمكاني بين المجرات والنجوم والاجرام السماوية هو الذي يتمدد
ولهذا التمدد في حالة استمراره (الى ما شاء الله ) تاثير سوف يظهر مستقبلا عندما تصبح المسافة بين الاجرام السماوية بعيدة ويبدا الكون المرئي لنا بالتقلص اذ لن يعود بامكان الضوء القادم من المجرات الوصول الينا
الان وبجمع هذه التفاصيل معا يتبين لنا انه نتيجة لهذه الثلاث معطيات التي لدينا وهي ان الضوء يسافر بسرعة معينه والاجرام السماوية تبتعد عن بعضها ايضا بالاضافة الى تمدد الكون يجعل ما امكننا ان نراه هو بمقدار 46 مليار سنة ضوئية تقريبا اي انه وعند حساب الاتجاه الاخر يصبح لدينا كون مرئي من جهة الى اخرى بسعة 92-93 مليار سنة ضوئية على الرغم من ان عمر هذا الكون هو 13.8 مليار سنة