اذا كان لديك مبلغ معين من النقود ( المال) وليكن 300 دولار وكنت ترغب بشراء تلفزيون فذهبت ووجدت ان التلفزيون ذو حجم 40 انج ب 300 دولارو الذي لحجم 43 انج ب 350 دولار وبما انك لست مستعجلا على شراءه وايضا فانك وحسب ميزانيتك ستتمكن من جمع ال 50 دولار وهي قيمة الفرق في غضون شهرين فقد قررت الانتضار والعودة بعد شهرين لشراء التلفاز الاكبر ولكن عندما ذهبت بعد شهرين فوجئت بان التلفزيون ذو ال 40 انج اصبح ب 350 دولار وال 43 انج اصبح ب 400 دولار وبما ان التلفازان هما نفسهما اللذان رايتهما قبل شهران فقد بدات تتسائل عن سر ارتفاع الاسعار
ان قيمة السلعة او مقدار ما يمكنك الحصول عليه امام مبلغ معين من الممكن ان تحدده عوامل عديدة , ولفهم ذلك علينا ان نعرف ما الذي يسبب هذا الاختلاف او التباين
هناك شيء في الاقتصاد يدعى بالقيمة الوقتية للنقود والذي يشير الى أن القوة الشرائية لمبلغ معين من المال تختلف عن القوة الشرائية لهذا المبلغ نفسه في المستقبل
احد الاسباب تاني تؤدي الى هذا التغيير هو التضخم لكن هنا سنحاول الابتعاد عن المفاهيم الاقتصادية واسباب التضخم مثل زيادة الطلب على السلع مقابل ندرتها او زيادة تكاليف الانتاج او حتى زيادة الاجور او العائد الاستثماري للنقود , هنا سنحاول انا وانت عزيزي القاريء الرجوع الى المباديء والمفاهيم الاساسية والبسيطة للمال والنقود والانتاجية في محاولة لفهم ماذا يحدث
في القدم وقبل تكون المجتمعات الكبيرة كان الناس يعتمدون على الصيد ثم على الزراعة وتدجين الحيوانات لتلبية احنياجاتهم الاساسية في زمن لم تكن هناك كماليات في الحياة اواساليب للرفاهية موجودة
مع تطور المجتمعات وبداية تنوع السلع اصبح من اللازم حصول تكافل في المجتمع لتلبية الاحتياجات واصبح اعتماد الشخص على نفسة في انتاج ما يستهلكة امر غير ممكن لذا بدانا بالاعتماد على بعضنا البعض , فما انتجه ويفيض عن حاجتي اعطيه في مقابل ما احتاجه ويزيد عن حاجة الاخرين وهنا بدا نظام تبادل السلع
مع تطور الامر ونشوء الاسواق وظهور التجارة سواءا بنقل المواد من منطقة الى اخرى او الباعة في الاسواق اصبح هذا النظام لا يلبي الحاجة لاني قد احتاج منك شيئا ولكن السلعة التي لدي انت لا تحتاجها والعكس صحيح واذا اخذنا بنظر الاعتبار تنوع السلع الكبير وتطور الخدمات الموجودة مع تطور المجتعات ونهوض حضارات وتفاعلها مع بعضها البعض اصبح من الواجب توفر بديل لهذا النظام
هنا جاءات فكرة اعتماد شيء محايد يعترف الجميع بقيمته بحيث يقبله الجميع يمكنك من شراء او طلب اي خدمة تريدها مقابله فظهر المال
اعتمد على المعادن النفيسة وتحديدا الذهب والفضة في التعامل بين الناس وتم تحديد اوزان معينة منها فاصبح لدينا ما اطلق عليه العملة واطلقت عليها تسميات مختلفة وحسب كل منطقة مثل الدينار والدرهم , لكن يتم اتفاق على وزن محدد لهذه العملة حيث تكون كل العملات من النوع الواحد بنفس المعدن وبنفس الوزن اضافة الى امكانية التحويل بينهم على نفس المبدا
قد يعجبك : إذا كنت ذكيًا جدًا ، فلماذا لست غنيًا؟
الان كيف يتم تحديد القيمة لهذه العملة , ببساطة يتفق الجميع على قبول نفس القيمة لهذه العملات وبما ان التكاليف او بصورة ادق الجهد المبذول للحصول على وزن العملة هو معروف وثابت فيتم تحديد ما يقابله من السلع والخدمات الاخرى بمقارنه الجهد المبذول ( ولن ندخل هنا كما ذكرت في الاعلى في تفاصيل نسبة الربح او العرض مقابل الطلب لاننا هنا نحاول البحث عن قيمة العملة او النقود التي تفقد قيمتها وليس المعاملات التجارية من عرض وطلب او احتكار ) اي لنفهم ذلك اكثر لماذا مبلغ معين قبل 20 سنة اصبحت قيمته تساوي النصف تحت نفس ظروف السوق نسبيا
كانت الامور تسير بصورة جيدة حتى مجيء النقود ( النقود الورقية) واصبح الجميع يتعامل بها لكن على ان يكون هناك ما يقابلها من الذهب حيث كل وحدة من هذه العملة الورقية هناك فعليا وزن محدد من الذهب موجود ومحجوز مقابلها حيث حتى لو الغيت العملة فستتمكن من الحصول على الذهب المحجوز لها
بعد ذلك تم فك ارتباط العملات بالذهب وربطها بالدولار اي باختصار تم ربط عملة ورقية بعملة ورقية اخرى وفي النهاية فان العمل الورقية اصبحت قيمتها تتغير بناء على امور لا علاقة لها بالجهد المبذول اساسا للحصول عليها
فاذا قامت دولة ما بطباعة الكثير من العملات وطبقا لقواعد السوق فعندما تزيد كمية شيء ما تقل قيمته فيحصل تضخم وتقل قيمة العملة , اضافة الى ذلك فان علاقات وسياسات الدول تاثر على قيمة عملتها ايضا وهذا ايضا لا علاقة له بالقيمة الناتجة من انتاجية وعمل مقابل النقود
هنا طبعا لن نتطرق لاسباب طباعة الدول لكميات اضافية من النقود او عن كيفية تاثير العلاقات الدولية على قيمة العملة ما يهمنا هنا ان المحصلة النهائية ان الجهد المبذول من قبل الشخص تقل قيمته تدريجيا
وحتى لا نصل لمرحلة يكون العمل فيها عبثيا فان معدلات الاجور تتغير وتزداد مع مرور الوقت ايضا لكن في المحصلة مهما كانت نسبة الاجور فهي بالنسبة للشخص العادي ان لم تكن قليلة فهي مع الوقت ستصبح اقل نسبيا من ناحية ما توفره من مقابل
هنا يتبادر الى الذهن تساؤل الا وهو انه ليس من المعقول ان يكون كل الناس اغنياء فالحياة بطبيعتها متكونه من طبقات مختلفة واحدى التصنيفات الطبقية هو التصنيف المادي , هنا يجب ان نتنبه الى اننا نتحدث عن احتياجات اساسية وليست كمالية في مقابل جهد ووقت مبذول والاحتياجات الاساسية ايضا هي نتيجة جهد مبذول اي في النهاية نتحدث عن جهد شخص او مجموعة اشخاص مقابل جهد شخص او مجموعة اشخاص اخرين وتقييم هذا الجهد يتغير مع الوقت مع الاخذ بنظر الاعتبار ان التغيير لا يحدث بالضرورة من هؤلاء الاشخاص او يعود بالفائدة عليهم
اي انه من الممكن ان يكون الطرفان متاثران بصورة سلبية من هذا التغيير وهو ما يحصل على الاغلب في مقابل اشخاص مستفيدون من هذا الموضوع عن طريق زيادة دخلهم الشخصي , اذ في النهاية لا بد للقيمة المفقودة من مكان ان تظهر في مكان اخر
ينتج هذا في الغالب نتيجة المبالغة في الارباح بالاعتماد على ندرة المنتج والتقنية والعلم الذي يقف خلف المنتجات فمثلا في احد الدراسات حول جهاز ال iPhone وجد ان التكلفة الحقيقية للجهاز تعادل 40 % من سعر البيع اي ان نسبة الربح هي 150 %
لكن اليس من حق الذي يمتلك مهارة معينه ونادرة ان يقيم مهارته بافضل عائد ممكن , وهنا لو توقف الامر عند حدود الكماليات فلا مشكلة لكن ان يتجاوزه الى الاساسيات اليومية فهنا الكارثة , وهنا نحن نذكر السلع الكمالية لان الذين يدور عملهم حول الاساسيات فانما هم يحاولون كسب المزيد لاقتناء الكماليات من سيارات وهواتف وطائرات خاصة ومنازل ورحلات سياحية وماركات عالمية
لذا يجب ان تكون الاساسيات بعيد عن المضاربات وحمى جني الارباح ليتمكن الناس من ان يعيشو عيشة كريمة , وما خلاف ذلك لا مشكلة في جعل السوق يتحكم بالاشياء الثانوية
وهنا يجب ان ننوه الى ان هذه هي نظرة الدين الاسلامي حيث القاعدة تقول
مستوى المعيشة مكفول للجميع وللقادرين الاستزادة